يتردد الآن وبشكل متزايد خلال الفترة الأخيرة مصطلح الجيل الخامس من الاتصالات 5G, فالشركات المطورة للهواتف الذكية تتسابق لتوفير هواتف تدعم الجيل الجديد بينما تسارع الشركات المقدمة لخدمات الاتصالات في تثبيت بنيتها لتوفير الخدمة في أسرع وقت. فلماذا كل هذه الضجة؟ وما هو الجيل الخامس 5G في الأساس؟ وما الفارق بينه وبين الجيل الرابع؟ اسئلة كثيرة تتردد في أذهان المستخدمين سنجيب عليها في حديثنا اليوم عن الجيل الخامس للاتصالات 5G.
شبكات الجيل الخامس 5G هي الجيل الخامس من الشبكات اللاسلكية وأحدث تقنية تكنولوجية خلوية حتى الآن، وبشكل دقيق هي مجموعة القواعد التقنية الحديثة التي تحدد طريقة عمل الشبكة الخلوية، بما في ذلك الترددات المستخدمة وكيفية التعامل مع المكونات المختلفة للشبكة مثل معالجات الحاسب والهوائيات مع الإشارات الراديوية وتبادل البيانات معها. وتم تصميم شبكات الجيل الخامس 5G لزيادة سرعة الشبكات اللاسلكية واستجابتها، حيث يمكن للبيانات المنقولة فيها أن تنتقل بمعدلات تصل إلى 20 غيغا بايت في الثانية، بالإضافة إلى توفير زمن انتقال قدره 1 ميلي ثانية أو أقل للاستخدامات التي تتطلب تغذية راجعة في الزمن الحقيقي، وستتمكن شبكات الجيل الخامس من تحقيق زيادة كبيرة في كمية البيانات المرسلة عبر الأنظمة اللاسلكية بسبب زيادة النطاق الترددي وتقنيات الهوائيات المتقدمة.
كيف يعمل 5G ؟
قسم معيار 5G عمل الجيل الجديد إلى قسمين، القسم الأول يعتمد على التقنيات والترددات المستخدمة في الأجيال السابقة، أما القسم الثاني فهو الاعتماد على موجات جديدة بصورة مستقلة. ولفهم طريقة العمل بصورة أكبر يجب أن نشرح كيفية عمل شبكات الاتصالات بشكل عام.
الموجات
تعتمد الاتصالات اللاسلكية على طيف من الموجات بتردد يبدأ من 300 ميجاهيرتز إلى 100 جيجاهيرتز، وتنقسم تلك الموجات إلى ثلاثة أقسام رئيسية وهم الطيف منخفض التردد، الطيف متوسط التردد والطيف عالي التردد.
- الطيف منخفض التردد هو الطيف الذي تكون موجاته تحت تردد 800 ميجاهيرتز، ويمتاز هذا الطيف من الموجات بتغطيته الواسعة أكثر من الأقسام الأخرى نتيجة العلاقة العكسية بين تردد الموجة وطولها ما يجعله الأفضل في تغطية مساحات واسعة من خلال عدد قليل من الأجهزة. وفي المقابل، موجات هذا النطاق هي الأقل من حيث قدرتها على نقل البيانات وتوفير سرعات إنترنت عالية حيث يمكنه نقل سرعات إنترنت تصل بأقصى حد إلى 100 ميجابت/ الثانية فقط.
- الطيف متوسط التردد هو الطيف التي تكون موجاته بين 800 ميجاهيرتز و 2 جيجاهيرتز وهو الطيف المستخدم في تشغيل الجيل الرابع للاتصالات 4G وتصل سرعات الإنترنت فيه إلى 1 جيجابت/ ثانية مع تميزه أيضا بسرعة استجابة أعلى من الجيل السابق. ويعتبر هذا الطيف هو المفضل لدى الشركات المزودة لخدمات الاتصالات حيث يقدم توازن بين سرعة الاتصال ومدى المناطق التي يمكن تغطيتها.
- الطيف المتوسط (تحت تردد 6 جيجاهيرتز)، هذا الطيف من الأمواج لم يتم استخدامه بعد في شبكات الاتصالات نظرا لقصر طول موجاته ما سيكلف الشركات عدد أكبر من المعدات لتوفير الاتصال به. اقتصر استخدام هذا الطيف على أجهزة WIFI المستخدمة في المتازل،المكاتب والشركات وبعض الأماكن العامة لتشغيل الإنترنت فقط وليس في خدمات الإتصالات بشكل عام.
- الطيف عالب التردد أو mmWave وهو طيف من الأمواج لم يستخدم بعد في عمليات الاتصال بشكل تجاري أي لم تعتمد عليه أي شركة اتصالات تجارية في توفير خدمتها للمستخدمين. ومما هو واضح من اسم هذا القسم من الطيف الموجات فهو يتميز بترددات عالية تبدأ من 6 جيجاهيرتز وتصل إلى 100 جيجاهيرتز وهو سيكون مستقبل الإتصالات خلال السنوات القادمة نظرا لقدرته على توفير سرعات أعلى من أي طيف آخر. تكمن مشكل أساسية في استخدام هذا اطيف وهي قصر الطول الموجي ما يعنى انخفاض قدرة تلك الموجات فى تغطية مساحات واسعة والذى سيتطلب توفير عدد كبير من الأجهزة لتغطية مستمرة.
تشغيل 5G
سيتميز الجيل الجديد من الشبكات بدعمه لكل أطياف الموجات، فعلى عكس الجبل الرابع على سبيل المثال الذى يعتمد على الطيف متوسط التردد سيكون بإمكان الجيل الجديد الاعتماد على كل أنواع الأطياف لتتم تلك العملية على مرحلتين، الأولى ستكون بالاعتماد على الترددات الحالية واستخدام ترددات (تحت 6 جيجاهيرتز) من خلال تثبيت عدد كبير من خلايا WIFI في الأماكن العامة والمئهولة سكانيا. أما المرحلة الثانية فستعتمد على الترددات الأعلى وتستهدف أغلب الشركات دعم ترددات تصل ما بين 18 و 24 جيجاهيرتز ولكن تلك العملية لن تكون جاهزة قبل عام 2021 على الأقل نظرا للحاجة لعدد كبير من أجهزة البث بصورة مكثفة لقصر الطول الموجي لتلك الترددات.
ماهي ميزات شبكات الجيل الخامس 5G؟
تتمتع شبكات الجيل الخامس 5G بالكثير من الميزات منها:
- زيادة سرعة نقل البيانات وتقليل الزمن بشكل كبير.
- ميزات كثيرة لإدارة الشبكة مثل تقسيم الشبكة والذي يسمح لمستخدمي شبكات الهاتف المحمول بإنشاء شبكات افتراضية متعددة ضمن شبكة فيزيائية واحدة.
- توفر أدوات للإشراف على المشتركين لتسريع العمليات.
- تقوم الخدمات عالية الجودة لتقنية الجيل الخامس على سياسة تجنب الخطأ.
- توفر عمليات بث ضخمة للبيانات من رتبة الغيغابايت والذي يدعم ما يقارب 65000 اتصال.
- تقدم بوابات نقل متناسقة وفائقة.
- تجعل إحصائيات حركة المرور عبر الشبكات أكثر دقة.
- تقدم للمستخدمين حلول سريعة أفضل بوساطة تقنيات الإدارة عن بعد.
- عمليات التشخيص عن بعد بشكل أكثر دقة.
ما الفارق في السرعة بين 4G و 5G ؟
حسناً تحدثنا عن الكثير من النقاط التي قد تشير إلى تفوق 4G عن 5G ولكن دعونا نتلكم بشكل أدق وجهاً لوجه. في البداية سرعات الإنترنت في الجيل الجديد سترتفع من 10 إلى 20 ضعف السرعة القصوى للجيل السابق حيث ستصل سرعة 5G إلى 20 جيجابت/ ثانية, سيمتاز 5G أيضاً بوقت استجابة أسرع يصل إلى 1ms مقارنة بوقت 10ms في الجيل السابق. الجيل الخامس سيدعم أيضاً عدد أكبر من الأجهزة مثلما ذكرنا مسبقاً كما سيدعم كل الترددات المتاحة بداية من طيف الترددات المنخفضة وصولا بموجات mmWave. وبالإضافة كل المميزات السابقة سيكون بقدر 5G توفير خدمات للاتصالات لعدد أكبر من المستخدمين يصل إلى مليون مستخدم في الكيلومتر المربع. النقطة والحيدة التي يتفوق فيها 4G على الجيل الخامس هي احتياجه فقط لأجهزة أقل وقدرته على تغطية مساحات أكبر.
ما هي الأجهزة المتاحة حالياً بدعم 5G ؟
تعتبر أغلب الأجهزة المتوفر بصورة تجارية مع دعم 5G هي الهواتف الذكية حيث بدأ الأمر منذ قرابة 5 أشهر عندما أعلنت Motorola عن إضافتها لهاتف Moto Z3 التي تدعم الجيل الخامس, ثم تلتها إعلان ZTE عن هاتف يدعم الجيل الجديد ليفيض علينا المؤتمر العالمي للهواتف MWC 2019 بسيل كبير من الهواتف الداعمة مثل Galaxy S10 5G, MI Mix 3 5G, Mate X, LG V50 ThinQ هاتف مخصص من OnePlus وبعض هواتف الشركات الأخرى. وبخلاف الهواتف الذكية تتوافر بعض الأجهزة المنزلية الداعمة للجيل الجديد.
أخيراً.. كيف ستغير حياتنا ؟
أطلق باحثون أمام المفوضية الأوروبية شعارا يقول : “5G is not 4G+1” ، بما معناه أن شبكة الجيل الخامس ليست ببساطة الجيل الأحدث من شبكات الجيل الرابع فحسب، فشبكات الجيل الخامس ستحقق ما يعرف بـالوصل الفائق (Hyper-connected) أي سنصبح مجتمعاً يتصل فيه الأشخاص والتجهيزات مع بعضهم البعض ويكون تدفق المعلومات سلساً ومستمراً مع تحقيق أعلى درجات التغطية والسرعة الغير محدودة بفضل هذ الجيل من الشبكات.
كما ستتيح شبكات 5G المجال للأجهزة الموجودة لكي تتعرف على احتياجات كل مستخدم بأفضل شكل ممكن و هو ما يطلق عليه شعار “فكّر بطريقة أفضل” وصولاً إلى خدمات ترقى لمستوى التحسس للأفكار، فمثلا: اذا كنت تريد ان تتصل بصديقتك، ففكر بها و ستقوم الشبكة بالاتصال بها تلقائياً، ومن المؤمل أن يصبح ذلك واقعاً بحلول عام 2020.
ويعتقد أن شبكات الجيل الخامس 5G ستشكل ثورة تقنية واجتماعية في آن واحد، حيث أن المعيار القائم على الزمان والمكان سيصبح شيئاً من الماضي ولن يشكل أي عقبة، وهذا ما أكّده خبراء عاملون في مختبرات تطوير شبكات الجيل الخامس 5G، فعندما نصل إلى مرحلة من تدفق المعلومات تتخطى حاجة الشخص الواحد أو قدرة جهاز على معالجة هذه المعلومات خلال ثانية واحدة، فإن ذلك يعني بصيغة أخرى أننا وصلنا إلى نظام يحقق استجابة فورية لطلب المستخدم.
كما ستمكّن تقنيات الجيل الخامس المستخدمين من تجاوز ما يسمى بـ “الواقع المعزز” بل و الذهاب إلى أبعد من ذلك، و هو الابتعاد عن الاعتماد على الأجهزة الخارجية (هاتف ذكي، حاسوب لوحي) أو الحاجة لمعضلة الاتصال وقطع الاتصال.